مقدمة
في عالم المكملات العشبية والطب البديل، تبرز عشبة "الأشواغاندا" كأحد أشهر الأعشاب التي ارتبط اسمها بالعديد من الفوائد الصحية، من تحسين المزاج وتقليل التوتر إلى تعزيز الأداء الرياضي والمناعة. وفي السنوات الأخيرة، بدأ البعض يتداول معلومات تزعم أن الأشواغاندا تساهم في زيادة الطول، خاصة في مرحلة المراهقة. ولكن، هل هذا الادعاء صحيح؟ وهل يمكن لعشبة طبيعية أن تؤثر فعلًا على الطول؟ في هذا الموضوع، سنستعرض كل ما تحتاج معرفته عن الأشواغاندا، وعلاقتها بالنمو، وفقًا للأبحاث العلمية الحديثة.
ما هي الأشواغاندا؟
الأشواغاندا (Withania somnifera)، والمعروفة أيضًا باسم "الجنسنغ الهندي"، هي عشبة طبية شهيرة في الطب الهندي التقليدي "الأيورفيدا". تُستخدم جذورها وأوراقها لتحضير مكملات طبيعية، ويُعتقد أن لها خصائص متعددة مثل:
تقليل مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر).
دعم الجهاز العصبي.
تحسين الأداء البدني.
تعزيز الخصوبة عند الرجال.
تحسين جودة النوم.
وتحتوي الأشواغاندا على مركبات نشطة مثل الـ"ويتانولايدز" (Withanolides)، التي تلعب دورًا في التأثير على التوازن الهرموني، المناعة، والصحة العامة.
كيف يتم التحكم في الطول البشري؟
لفهم العلاقة بين الأشواغاندا وزيادة الطول، من الضروري أن نفهم أولًا كيف يحدث نمو الطول في الإنسان.
يحدث النمو نتيجة لتكاثر خلايا العظام الطويلة، مثل عظام الساق والذراع، في مرحلة الطفولة والمراهقة.
يتحكم في هذه العملية هرمون النمو (GH) الذي يُفرَز من الغدة النخامية.
كما تلعب هرمونات أخرى مثل هرمون الغدة الدرقية وهرمون التستوستيرون أو الإستروجين دورًا كبيرًا في تنظيم النمو.
تنتهي فرصة النمو في الطول عادة بعد إغلاق ألواح النمو (Epiphyseal Plates) في العظام، وهو ما يحدث في أواخر المراهقة أو أوائل العشرينات.
بالتالي، فإن زيادة الطول بشكل طبيعي تعتمد على الوراثة، والتغذية، والنشاط البدني، والنوم الجيد، إضافة إلى التوازن الهرموني.
هل الأشواغاندا تزيد الطول فعلاً؟
1. التأثير على هرمون النمو
تشير بعض الدراسات إلى أن الأشواغاندا قد تساعد في زيادة مستويات هرمون النمو بشكل غير مباشر. كيف؟
من خلال تقليل التوتر (انخفاض الكورتيزول)، مما يسمح للجسم بإفراز هرمون النمو بكفاءة أعلى.
تحسين النوم العميق، والذي يعد من أهم الأوقات التي يُفرَز فيها هرمون النمو.
بعض الأبحاث وجدت ارتفاعًا بسيطًا في مستويات هرمون التستوستيرون لدى الذكور الذين يتناولون الأشواغاندا، ما قد يدعم النمو العضلي والهيكلي في سن المراهقة.
2. الدراسات العلمية
لا توجد دراسات علمية موثوقة تؤكد بشكل مباشر أن الأشواغاندا تؤدي إلى زيادة الطول بعد مرحلة الطفولة. ولكن، بعض التجارب على الشباب الذين تناولوا مكملات تحتوي على الأشواغاندا أظهرت:
تحسنًا عامًا في اللياقة البدنية والطاقة.
تحسنًا في نوعية النوم.
ارتفاعًا طفيفًا في بعض الهرمونات المتعلقة بالنمو.
إلا أن هذه النتائج غير كافية للجزم بأن الأشواغاندا تؤدي لزيادة الطول بشكل مباشر، بل قد يكون تأثيرها محدودًا على بيئة النمو، وليس على النمو نفسه.
متى يمكن أن تساعد الأشواغاندا في النمو؟
قد تكون الأشواغاندا مفيدة في المساعدة على تحسين النمو في الحالات التالية:
مرحلة المراهقة المبكرة: عندما لا تزال ألواح النمو مفتوحة، فإن أي عامل يساعد على تعزيز إنتاج هرمون النمو قد يكون مفيدًا.
الحالات الناتجة عن نقص التغذية أو التوتر المزمن: بعض الأطفال أو المراهقين يعانون من تأخر النمو بسبب سوء التغذية أو التوتر الزائد، وهنا قد تلعب الأشواغاندا دورًا في دعم النمو من خلال تحسين النوم وتقليل التوتر.
النوم غير المنتظم: نظرًا لأن الأشواغاندا قد تحسن نوعية النوم، فإنها قد تدعم البيئة المثالية لإفراز هرمون النمو.
الجرعة وطريقة الاستخدام
للحصول على الفوائد المحتملة للأشواغاندا، يجب الالتزام بالجرعات الموصى بها، والتي تختلف حسب تركيز المستخلص:
الجرعة التقليدية: 300 - 600 ملغم يوميًا من مستخلص جذور الأشواغاندا.
من الأفضل تناولها مع الطعام، ويمكن تقسيم الجرعة إلى مرتين يوميًا.
يجب الالتزام بالمكملات من مصادر موثوقة لضمان الجودة.
مدة الاستخدام المقترحة: عادة ما يُستخدم المكمل لمدة 8-12 أسبوعًا ثم يُوقف لفترة قبل معاودة الاستخدام، حسب توصية المختص.
الآثار الجانبية والتنبيهات
رغم أن الأشواغاندا تُعتبر آمنة نسبيًا، إلا أن لها بعض الآثار الجانبية المحتملة، مثل:
اضطرابات في الجهاز الهضمي (غثيان، إسهال).
الشعور بالنعاس.
التداخل مع بعض الأدوية (مثل أدوية الغدة الدرقية أو المهدئات).
لا يُنصح باستخدامها في الحالات التالية دون استشارة الطبيب:
النساء الحوامل أو المرضعات.
مرضى الغدة الدرقية.
مرضى ضغط الدم المنخفض.
الأطفال تحت سن 12 عامًا.
نصائح لزيادة الطول بطريقة طبيعية
سواء كنت تفكر في استخدام الأشواغاندا أم لا، فإن هناك عدة عوامل مثبتة طبيًا يمكن أن تدعم النمو وزيادة الطول:
نظام غذائي غني بالبروتين والكالسيوم والزنك وفيتامين D.
ممارسة تمارين الإطالة والرياضات مثل السباحة، كرة السلة، أو التعلق (Hanging).
نوم كافٍ (8 ساعات يوميًا على الأقل).
تجنب التدخين والكحول والكافيين الزائد.
زيارة طبيب الغدد الصماء في حال وجود تأخر في النمو.
خلاصة
الأشواغاندا ليست "معجزة" لزيادة الطول، لكنها قد تساهم بشكل غير مباشر في تحسين بيئة الجسم الداعمة للنمو، خصوصًا في سن المراهقة المبكر. من خلال دعم النوم وتقليل التوتر وتحسين مستويات بعض الهرمونات، قد يكون لها دور مساعد، لكنه ليس أساسيًا ولا يغني عن التغذية السليمة أو الرعاية الطبية.
في النهاية، الطول تحدده عوامل وراثية وبيئية معقدة، ولا يمكن لعشبة واحدة أن تُحدث فرقًا كبيرًا بعد سن معينة. ومع ذلك، فإن استخدام الأشواغاندا تحت إشراف طبي قد يكون خيارًا جيدًا لتحسين الصحة العامة ودعم نمو متوازن